سورة الروم - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
{ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين} أي عملوا السيئات، ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالإساءة والإشعار بعلة الحكم، و{تَتَّقُونَ ثُمَّ} للتراخي الحقيقي أو للاستبعاد والتفاوت في الرتبة {السُّوأَى} أي العقوبة السوأى وهي العقوبة بالنار فإنها تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن أو مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السوء، وهي مرفوعة على أنها اسم كان وخبرها {وَلِلَّهِ عاقبة}.
وقرأ الحرميان. وأبو عمرو {عاقبة} بالرفع على أنه اسم كان و{السوأى} بالنصب على الخبرية، وقرأ الأعمش. والحسن {الصراط السوي} بإبدال الهمزة واوًا وإدغام الواو فيها، وقرأ بما مسعود {السوء} بالتذكير {ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين} علة للحكم المذكور أي لأن أو بأن كذبوا وهو في الحقيقة مبين لما أشعر به وضع الموصول موضع الضمير لأنه مجمل.
وقوله تعالى: {وَكَانُواْ بِهَا} عطف على {لَّمَّا كَذَّبُواْ} داخل معه في حكم العلية وإيراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده، وجوز أن يكون {السوأى} مفعولًا مطلقًا لأساؤا من غير لفظه أو مفعولًا به له لأن أساؤا عنى اقترفوا واكتسبوا، والسوأى عنى الخطيئة لأنه صفة أو مصدر مؤول بها وكونه صفة مصدر أساؤا من لفظه أي الإساءة السوأى بعيد لفظًا مستدرك معنى، و{السوءى أَن كَذَّبُواْ} اسم كان، وكون التكذيب عاقبتهم مع أنهم لم يخلوا عنه إما باعتبار استمراره أو باعبار أنه عبارة عن الطبع، وجوز أيضًا أن يكون أن كذبوا بدلًا من {السوأى} الواقع اسمًا لكان أو عطف بيان لها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي إن كذبوا، وأن تكون {حَمِيمٍ ءانٍ} تفسيرية عنى أي والمفسر إما أساؤا أو {السوأى} فإن الإساءة تكون قولية كما تكون فعلية فإذن ما قبلها مضمن معنى القول دون حروفه ويظهر ذلك التضمن بالتفسير، وإذا جاز {وانطلق الملا مِنْهُمْ أَنِ امشوا} [ص: 6] فهذا أجوز فليس هذا الوجه متكلفًا خلافًا لأبي حيان. وجوز في قراءة الحرميين. وأبي عمرو أن تكون {السوأي} صلة الفعل {وَأَنْ كَذَّبُواْ} تابعًا له أو خبر مبتدأ محذوف أو على تقدير حرف التعليل وخبر كان محذوفًا تقديره وخيمة ونحوه. وتعقب ذلك في البحر فقال: هو فهم أعجمي لأن الكلام مستقل في غاية الحسن بلا حذف وقد تكلف له محذوف لا يدل عليه دليل، وأصحابنا لا يجيزون حذف خبر كان.


{اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11)}
{الله فِى الخلق} أي ينشئهم.
وقرأ عبد الله وطلحة {يُبْدِىء} بضم الياء وكسر الدار، وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر فما بالعهد من قدم.
{ثُمَّ يُعِيدُهُ} بالبعث {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للجزاء، وتقديم المعمول للتخصيص، وكان الظاهر يرجعون بياء الغيبة إلا أنه عدل عنه إلى خطاب المشركين لمكافحتهم بالوعيد ومواجهتهم بالتهديد وإيهام إن ذلك مخصوص بهم فهو التفات للمبالغة في الوعيد والترهيب. وقرأ أبو عمرو. وروح {يَرْجِعُونَ} بياء الغيبة كما هو الظاهر.


{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
{وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة} التي هي وقت إعادة الخلق ومرجعهم إليه عز وجل: {يُبْلِسُ المجرمون} أي يسكتون وتنقطع حجتهم، قال الراعب: الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق إبليس فيما قيل، ولما كان المبلس كثيرًا ما يلزم السكوت وينسى ما يعينه قيل أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته وأبلست الناقة فهي مبلاس إذا لم ترغ من شدة الضبعة وقال ابن ثابت: يقال أبلس الرجل إذا يئس من كل خير، وفي الحديث: «وأنا مبشرهم إذا أبلسوا» والمراد بالمجرمين على ما أفاده الطيبي أولئك الذين أساءوا السوأى لكنه وضع الظاهر موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بهذا الوصف الشنيع والإشعار بعلة الحكم.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. والسلمي {يُبْلِسُ} بفتح اللام وخرج على أن الفعل من أبلسه إذا أسكته، وظاهره أنه يكون متعديًا وقد أنكره أبو البقاء. والسمين. وغيرهما حتى تكلفوا وقالوا: أصله يبلس إبلاس المجرمين على إقامة المصدر مقام الفاعل ثم حذفه وإقامة المضاف إليه مقامه. وتعقبه الخفاجي عليه الرحمة فقال: لا يخفى عدم صحته لأن إبلاس المجرمين مصدر مضاف لفاعله وفاعله هو فاعل الفعل بعينه فكيف يكون نائب الفاعل فتأمل.
وأنت تعلم أنه متى صحت القراءة لا تسمع دعوى عدم سماع استعمال أبلس متعديًا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8