{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)}{ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين} أي عملوا السيئات، ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالإساءة والإشعار بعلة الحكم، و{تَتَّقُونَ ثُمَّ} للتراخي الحقيقي أو للاستبعاد والتفاوت في الرتبة {السُّوأَى} أي العقوبة السوأى وهي العقوبة بالنار فإنها تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن أو مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السوء، وهي مرفوعة على أنها اسم كان وخبرها {وَلِلَّهِ عاقبة}.وقرأ الحرميان. وأبو عمرو {عاقبة} بالرفع على أنه اسم كان و{السوأى} بالنصب على الخبرية، وقرأ الأعمش. والحسن {الصراط السوي} بإبدال الهمزة واوًا وإدغام الواو فيها، وقرأ بما مسعود {السوء} بالتذكير {ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين} علة للحكم المذكور أي لأن أو بأن كذبوا وهو في الحقيقة مبين لما أشعر به وضع الموصول موضع الضمير لأنه مجمل.وقوله تعالى: {وَكَانُواْ بِهَا} عطف على {لَّمَّا كَذَّبُواْ} داخل معه في حكم العلية وإيراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده، وجوز أن يكون {السوأى} مفعولًا مطلقًا لأساؤا من غير لفظه أو مفعولًا به له لأن أساؤا عنى اقترفوا واكتسبوا، والسوأى عنى الخطيئة لأنه صفة أو مصدر مؤول بها وكونه صفة مصدر أساؤا من لفظه أي الإساءة السوأى بعيد لفظًا مستدرك معنى، و{السوءى أَن كَذَّبُواْ} اسم كان، وكون التكذيب عاقبتهم مع أنهم لم يخلوا عنه إما باعتبار استمراره أو باعبار أنه عبارة عن الطبع، وجوز أيضًا أن يكون أن كذبوا بدلًا من {السوأى} الواقع اسمًا لكان أو عطف بيان لها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي إن كذبوا، وأن تكون {حَمِيمٍ ءانٍ} تفسيرية عنى أي والمفسر إما أساؤا أو {السوأى} فإن الإساءة تكون قولية كما تكون فعلية فإذن ما قبلها مضمن معنى القول دون حروفه ويظهر ذلك التضمن بالتفسير، وإذا جاز {وانطلق الملا مِنْهُمْ أَنِ امشوا} [ص: 6] فهذا أجوز فليس هذا الوجه متكلفًا خلافًا لأبي حيان. وجوز في قراءة الحرميين. وأبي عمرو أن تكون {السوأي} صلة الفعل {وَأَنْ كَذَّبُواْ} تابعًا له أو خبر مبتدأ محذوف أو على تقدير حرف التعليل وخبر كان محذوفًا تقديره وخيمة ونحوه. وتعقب ذلك في البحر فقال: هو فهم أعجمي لأن الكلام مستقل في غاية الحسن بلا حذف وقد تكلف له محذوف لا يدل عليه دليل، وأصحابنا لا يجيزون حذف خبر كان.